كيف تستفيد من العلاج النفسي؟
على عكس توقع البعض، العلاج النفسي ليس حبة سحرية يمكن أن تحل جميع مشاكلك في بضع جلسات. يتطلب العلاج النفسي مشاركة فعالة والتزام وجهد. كما يعتمد على جودة العلاقة بينك وبين معالجك. في هذه المقالة، سنتناول بعض النصائح حول كيفية التحضير للعلاج النفسي والمشاركة فيه وتقييمه٠
الدور والمسؤوليات المترتبة على العميل والمعالج في العلاج النفسي
العلاج النفسي هو عملية تعاونية بينك وبين معالجك. عليك وعلى معالجك أدوار ومسؤوليات مختلفة لكنها متكاملة في العلاج النفسي٠
الدور والمسؤوليات المترتبة على العميل
بصفتك عميلًا، دورك هو
- أن تكون صادقًا ومنفتحًا مع معالجك بشأن مشاكلك ومشاعرك وتوقعاتك وأهدافك.
- أن تكون على استعداد لاستكشاف وتحدي أفكارك ومشاعرك وسلوكياتك التي قد تسبب أو تحافظ على مشاكلك.
- أن تستعد لتجربة طرق جديدة من التفكير والشعور والتصرف التي قد تساعدك على التغلب على مشاكلك أو تحقيق أهدافك.
- أن تحترم معالجك وتتعاون معه وتتبع القواعد والحدود المتفق عليها في العلاج النفسي.
- أن تحضر جلساتك بانتظام وبدقة وأن تقوم بإنجاز أي مهام منزلية يطلبها منك معالجك.
- أن تأخذ زمام المبادرة وأن تظهر حزمًا في طرح الأسئلة أو إبداء الملاحظات أو التعبير عن المخاوف أو طلب التغييرات في العلاج النفسي إذا احتجت إلى ذلك.
- أن تكون صبورًا وواقعيًا مع نفسك ومعالجك بشأن وتيرة ونتيجة العلاج النفسي.
الدور والمسؤوليات المترتبة على المعالج
- توفير بيئة آمنة وسرية وداعمة لك لتشارك مشاكلك ومشاعرك وتوقعاتك وأهدافك.
- الاستماع إليك بتعاطف واحترام دون الحكم عليك أو انتقادك.
- مساعدتك في تحديد وفهم أسباب وعواقب مشاكلك أو صعوباتك.
- مساعدتك في تطوير وتنفيذ استراتيجيات فعالة للتغلب على أو حل مشاكلك أو صعوباتك. مساعدتك في مراقبة وتقييم تقدمك ونتائجك في العلاج النفسي.
- أن يكون صادقًا وشفافًا معك بشأن مؤهلاته ونهجه وطرقه وقيوده ورسومه.
- أن يحترمك ويتعامل معك بمهنية وأن يتبع القوانين الأخلاقية والمعايير المهنية لمهنته.
- أن يستجيب لاحتياجاتك وتفضيلاتك وملاحظاتك ومخاوفك أو طلباتك في العلاج النفسي وأن يكون مرنًا معها.
إستراتيجيات لزيادة الدافعية والانخراط والتعاون في العلاج النفسي
قد يكون العلاج النفسي صعبًا في بعض الأحيان. قد تواجه بعض الحواجز أو الصعوبات التي قد تؤثر على دافعيتك أو انخراطك أو تعاونك في العلاج النفسي. على سبيل المثال:
- قد تشعر بالقلق أو الحرج من الحديث عن بعض المواضيع الحساسة أو الشخصية مع معالجك.
- قد تشعر بالإحباط أو الاستسلام بسبب عدم التقدم أو التحسن في العلاج النفسي.
- قد تشعر بالمقاومة أو الدفاع عن نفسك تجاه بعض الاقتراحات أو التدخلات من معالجك.
- قد تشعر بالارتباك أو الإرهاق بسبب بعض المفاهيم أو التقنيات التي يستخدمها معالجك.
- قد تكون لديك مطالب أو أولويات متعارضة أو منافسة تتدخل في حضورك أو إنجاز واجباتك المنزلية في العلاج النفسي.
- هذه تجارب طبيعية وشائعة يواجهها العديد من العملاء في العلاج النفسي. ومع ذلك، فإنها قد تعوق فعالية العلاج النفسي إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح.
هنا بعض الإستراتيجيات التي يمكن أن تساعدك في زيادة دافعيتك وانخراطك وتعاونك في العلاج النفسي:
1. حدد أهدافًا ذكية (SMART Goals)
أحد الخطوات الأولى في العلاج النفسي هو تحديد أهداف واضحة وواقعية تريد تحقيقها. يمكن أن تساعدك الأهداف في التركيز على ما يهمك، وتحفزك على اتخاذ إجراءات، وقياس تقدمك. ومع ذلك، ليست جميع الأهداف مفيدة بنفس القدر. قد تكون بعض الأهداف غامضة جدًا، أو طموحة جدًا، أو غير ذات صلة بمشاكلك. للتأكد من أن أهدافك مفيدة، يمكنك استخدام معايير SMART:
- Specific: يجب أن تكون أهدافك واضحة ومحددة.
بدلاً من قول “أريد أن أكون أسعد”، يمكنك قول “أريد تخفيض أعراض اكتئابي بنسبة 50% في غضون 6 أشهر”.
- Measurable: يجب أن تكون أهدافك قابلة للقياس أو الملاحظة.
- Achievable: يجب أن تكون أهدافك واقعية وقابلة للتحقيق بالنظر إلى وضعك الحالي ومواردك.
بدلاً من قول “أريد الإقلاع عن التدخين في ليلة وضحاها”، يمكنك قول “أريد تقليل تدخيني
بسيجارة واحدة في اليوم في غضون أسبوعين”.
- Relevant: يجب أن تكون أهدافك معنوية ومهمة بالنسبة لك ومتماشية مع قيمك واهتماماتك.
بدلاً من قول “أريد فقدان الوزن لأن طبيبي قال لي ذلك”، يمكنك قول “أريد فقدان الوزن لأنني أهتم بصحتي ورفاهيتي”.
- Time-limited: يجب أن تكون أهدافك لها موعد نهائي أو إطار زمني محدد لإنجازها.
على سبيل المثال، بدلاً من قول “أريد تعلم مهارة جديدة”، يمكنك قول “أريد تعلم كيفية عزف الجيتار بحلول نهاية هذا العام”. يمكنك العمل مع معالجك لتحديد أهداف ذكية لنفسك ومراجعتها بانتظام لتتبع تقدمك وضبطها إذا احتجت إلى ذلك.
2. استعد لجلساتك
طريقة أخرى لتعزيز انخراطك وتعاونك في العلاج النفسي هي الاستعداد لكل جلسة مسبقًا. يمكن أن يساعدك الاستعداد لجلساتك في الاستفادة القصوى من الوقت والموارد المحدودة المتاحة في العلاج النفسي. إليك بعض النصائح حول كيفية الاستعداد لجلساتك:
- راجع ملاحظات جلستك السابقة والواجبات المنزلية وتأمل في ما تعلمته أو حققته منذ ذلك الحين.
- حدد أي مشاكل أو تحديات أو إنجازات جديدة حدثت منذ جلستك الأخيرة واكتبها.
- فكر في أي أسئلة أو تعليقات أو مخاوف أو طلبات لديك لمعالجك واكتبها.
- حدد أولويات الموضوعات أو القضايا التي ترغب في مناقشتها مع معالجك ورتبها حسب أهميتها أو إلحاحها.
- اضبط جدول أعمال لكل جلسة بناءً على أولوياتك وشاركه مع معالجك في بداية كل جلسة.
3. شارك بنشاط
إستراتيجية ثالثة لتعزيز دافعيتك وانخراطك وتعاونك في العلاج النفسي هي المشاركة بنشاط خلال كل جلسة. تعني المشاركة النشطة أنك لست مجرد مستمع أو مراقب سلبي في العلاج النفسي، بل مساهم ومخترِع نشط للعملية. إليك بعض الطرق للمشاركة بنشاط خلال كل جلسة:
- عبر عن نفسك بصراحة وصدق مع معالجك حول مشاكلك ومشاعرك وتوقعاتك وأهدافك.
- استمع باهتمام واحترام لما يقوله أو يسأله معالجك خلال كل جلسة.
- اطرح أسئلة أو اطلب توضيحًا إذا كان هناك شيء غير واضح أو مربك بالنسبة لك خلال كل جلسة.
- قدم تغذية راجعة (feedback) أو شارِ ك رأيًا أو تفضيلاتًا حول ما يناسبك أو لا يناسبك خلال كل جلسة.
بالمشاركة بنشاط خلال كل جلسة ، يمكنك زيادة انخراطك واهتمامك وتملكك لعملية العلاج النفسي.
طرق التعامل مع التحديات، التراجعات وإنهاء العلاج النفسي
العلاج النفسي ليس دائمًا عملية سلسة أو سهلة. قد تواجه بعض التحديات، التراجعات، أو مشاكل الإنهاء التي قد تؤثر على رضاك، تقدمك، أو نتيجة العلاج النفسي. على سبيل المثال:
- قد تشعر ببعض المشاعر السلبية، مثل الغضب، الحزن، الخوف، أو الشعور بالذنب، نتيجة لاستكشاف أو تغيير بعض جوانب نفسك أو حياتك.
- قد تواجه بعض المقاومة أو التردد تجاه بعض التغييرات أو القرارات المطلوبة لتحقيق أهدافك.
- قد تكون لديك بعض الخلافات مع معالجك حول بعض جوانب العلاج النفسي مثل الطريقة، الوتيرة، أو الاتجاه.
- قد تصادف بعض العوامل الخارجية، مثل الأحداث الحياتية، المؤثرات الضاغطة، الأزمات، أو التحولات التي قد تؤثر على حضورك، تركيزك، أو دافعيتك في العلاج النفسي.
- قد تصل إلى نقطة حيث تشعر بالاستعداد لإنهاء العلاج النفسي، ولكنك غير متأكد من كيفية القيام بذلك بفاعلية.
هنا بعض الطرق للتعامل مع هذه المشاكل
1. اطلب الدعم
أحد الطرق للتعامل مع التحديات ، التراجعات ، أو مشاكل إنهاء العلاج النفسي هو طلب الدعم من الآخرين الذين يمكنهم مساعدتك. يمكن أن يأتي الدعم من مصادر مختلفة، مثل:
- المعالج الخاص بك:
- المعالج الخاص بك هو واحد من أفضل مصادر الدعم لك في العلاج النفسي. يمكنه تزويدك بالتعاطف، الإرشاد، التغذية الراجعة، التشجيع، والموارد لمساعدتك على التغلب على أي صعوبات أو تحديات تواجهها في العلاج النفسي.
- يمكنك أيضًا مناقشة أي مخاوف أو أسئلة لديك حول إنهاء العلاج النفسي معه.
- يمكنه مساعدتك في التخطيط لعملية إنهاء سلسة وناجحة.
- يجب عليك المحافظة على اتصال منتظم به حتى نهاية علاجك النفسي.
- عائلتك وأصدقائك:
- يمكنهم تقديم لك دعم عاطفي، عملي، أو اجتماعي لمساعدتك على التغلب على أي تحديات أو تراجعات تواجهها في العلاج النفسي.
- يمكنهم أيضًا الاحتفال بإنجازاتك ونجاحاتك معك.
- يجب أن تبقيهم على علم وتشاركهم في عملية علاجك النفسي قدر الإمكان، إلا إذا كان هناك بعض الأسباب أو حدود تمنعك من ذلك.
- مجموعات الدعم أو المجتمعات:
- إذا كنت تنتمي إلى أي مجموعات دعم أو مجتمعات تشارك مشاكلك، اهتماماتك، أو قيمك ، فإنها يمكن أن تزودك أيضًا بالدعم لعلاجك النفسي.
- يمكنهم تقديم دعم من قِبَل الأقران، المعلومات، النصائح ، أو الموارد لمساعدتك على التغلب على أي تحديات أو تراجعات تواجهها في العلاج النفسي. كما يمكنهم إلهامك بقصصهم وخبراتهم.
- يجب المشاركة في هذه المجموعات أو المجتمعات بانتظام وبشكل فعال. ولكن ، يجب عليك أيضًا أن تكون حذرًا من عدم الاعتماد عليها كثيرًا أو السماح لها بالتأثير على قراراتك أو أهدافك في العلاج النفسي.
- يجب دائمًا استشارة المعالج قبل إجراء أي تغييرات أو اتخاذ أي إجراءات استنادًا إلى اقتراحاتهم.
بالبحث عن الدعم من هذه المصادر ، يمكنك تحسين مهارات التغلب على المشاكل، الموارد، وراءة في العلاج النفسي.
2. راجِع تقدُّمَك والنَّتائِج
طریقة أخرى للتغلُّب على التَّحَدِّیات، أَو التَّرَاجُعَات، أَو مُشَکِلَات الإِنْهاء فِی الْعِلاَجِ الْنَّفْسِیِّ هِیَ مُرَاجَعَة تَقَدُّمِك بانْتِظام. مراجعة تقدمك ونتائجك يمكن أن تساعدك على:
- تقدير إنجازاتك ونجاحاتك في العلاج النفسي، بغض النظر عن حجمها أو صغرها.
- تحديد ومعالجة أي فجوات أو صعوبات قد تعيق تقدمك أو التحسن في العلاج النفسي.
- ضبط أو مراجعة أهدافك أو استراتيجياتك إذا لزم الأمر لجعلها أكثر واقعية أو فعالية لعلاجك النفسي.
- تقييم الجودة والرضا عن تجربة علاجك النفسي والعلاقة مع المعالج.
- التخطيط للمستقبل والحفاظ على المكاسب التي حققتها في العلاج النفسي.
- يمكنك مراجعة تقدمك ونتائجك بطرق مختلفة ، مثل:
- استخدام أدوات المراقبة الذاتية ، مثل السجلات، الرسوم البيانية، أو المقاييس، لتتبع أفكارك ومشاعرك وسلوكياتك، والنتائج مع مرور الوقت.
- استخدام أدوات التغذية الراجعة، مثل الاستبيانات أو التقييمات للمتابعة وقياس رضاك عن العلاج النفسي.
- استخدام مقاييس النتائج، مثل الاختبارات الموحدة أو المقاييس لتقييم أعراضك، جودة الحياة، والتحسن قبل وأثناء وبعد العلاج النفسي.
- استخدام مقياس تحقيق الأهداف (GAS)، وهو أسلوب لتحديد وتقييم الأهداف بناءً على معاييرك الخاصة.
يمكنك العمل مع المعالج لمراجعة تقدمك ونتائجك بانتظام واستخدام النتائج لتوجيه عملية العلاج النفسي.
3. ممارسة الرعاية الذاتية
طريقة ثالثة للتعامل مع التحديات أو مشكلات إنهاء العلاج النفسي هي ممارسة الرعاية الذاتية.
الرعاية الذاتية تعني الاهتمام بالاحتياجات والرفاهية البدنية والعقلية والعاطفية والاجتماعية. الرعاية الذاتية يمكن أن تساعدك على:
- تخفيف التوتر وزيادة الاسترخاء بالانخراط في أنشطة تهدئ عقلك وجسمك مثل تمارين التنفس، التأمل، اليوجا، أو التدليك.
- تحسين مزاجك وطاقتك عن طريق أنشطة تجعلك سعيدًا ومنشطًا، مثل الهوايات، الرياضة، الموسيقى، أو الفن.
- تحسين صحتك ولياقتك من خلال أنشطة تعزز صحتك البدنية مثل تناول الطعام بشكل جيد، النوم بشكل كافٍ، ممارسة التمارين بانتظام، أو تجنب المواد المخدرة.
- تقوية علاقاتك وشبكة دعمك مثل قضاء بعض الوقت مع الأسرة والأصدقاء، الانضمام إلى نوادٍ أو التطوع.
- تحسين نموك وتطورك الشخصي مثل تعلُّم مهارات جديدة، قراءة كتب، أخذ دورات، أو السفر.
الخاتمة
العلاج النفسي هو طريقة قيمة وفعالة لمساعدتك على التعامل مع مشاكل مختلفة أو تحقيق أهدافك الشخصية. ومع ذلك، يتطلب أيضًا مشاركتك الفعالة والتزامك وجهدك. قدمنا بعض النصائح حول كيفية التحضير للمشاركة في تجربة العلاج النفسي. ناقشنا دور ومسؤوليات العميل والمعالج في العلاج النفسي، والاستراتيجيات لتعزيز الدافعية والانخراط والتعاون في العلاج النفسي، والطرق للتعامل مع التحديات والتراجعات وإنهاء العلاج النفسي، والأساليب لقياس التقدم والنتائج في العلاج النفسي. نأمل أن تساعدك هذه النصائح على الاستفادة وتحقيق أفضل النتائج الممكنة.
_________________________________
References
• American Psychological Association. (2017). Making the most of psychotherapy. https://www.apa.org/topics/psychotherapy/treatment
• Norcross, J. C., & Lambert, M. J. (2019). Psychotherapy relationships that work: Evidence-based therapist contributions (3rd ed.). Oxford University Press.
• Prochaska, J. O., & Norcross, J. C. (2018). Systems of psychotherapy: A transtheoretical analysis (9th ed.). Oxford University Press.
• Wampold, B. E., & Imel, Z. E. (2015). The great psychotherapy debate: The evidence for what makes psychotherapy work (2nd ed.). Routledge.